كيف نعود للشريعة؟
هناك العديد من المسلمين من يظن بأن العودة إلى تطبيق الشريعة تعني العدول على دساتير الحكم إلى دساتير إسلامية جملة وتفصيلا فقط..في حين أن الإصلاح الذي أحذثه الإسلام في الجاهلية الأولى ثم الإصلاح الذي ينادي به القرآن الحكيم وكل العلماء المتنورين من الأمة إصلاح شامل ويجمع بين كل المقومات : من بناء الإنسان المسلم فكرا وروحا وتقويته جسدا حتى بناء المجتمعات في كل المجالات حتى بناء الأمة بل وحتى الرجوع بالأمة إلى عصرها الزاهر..وهذا كله يبقى حلما طوباويا بالنظر إلى واقعنا الآني المرير : فالفساد ساري على كل الواجهات وفي كل المجالات..مما يعني العودة إلى روح الشريعة أولا قبل التدرج في العودة إلى أشكالها..وقبل أن نفكر في الحدود يجب التفكير في التربية وقبل التقيد بالحقوق يجب مراجعة الواجبات..وبإيجاز يجب أولا خلق ظروف تطبيق الشريعة قبل المناداة بحدودها..
وذلك لن يتأتى إلا إذا عاد حكامنا إلى ممارسة مهمة : »إمارة المومنين » التي من واجباتها الأولى تعبيد المجتمع لله بإصلاحه وتقويمه باستمرار باليد والتربية والتعليم،وإيجاد كل الظروف الواجبة لتعاليم الإسلام لمحاربة كل أنواع الفساد، وصدق من قال : »يزع الله بالسلطان ما لا يزع بالقرآن »
ولهذا فإن العودة إلى الشورى الإسلامية لاتعني العودة الجافة إلى الحدود فقط بل تعد نهضة كاملة لكل المقومات المدنية والسياسية لتلعب دورها كاملا في ترسيخ مبادئ الشريعة والشورى بكل تدرج في العودة لها..مما يعني بناء ثقافة جديدة لا هي بالرجعية الظلامية ولا هي بالتقدمية المتنكرة بل ثقافة حضارية إسلامية بمعنى الكلمة تحاول أن تنطلق من القرآن الكريم والسنة الشريفة وكل اجتهادات المسلمين الصائبة إلى تقديم الإسلام كبديل حضاري شامل..
فالسعي إلى خلق ظروف تطبيق الشريعة في مجتمعاتنا هي البداية التي يجب أن نتسلح لها إنطلاقا من كل مشاكلنا الواقعية..أما تسلق حزب معين ما لفرض الشريعة فيبقى تنطعا انتحاريا إذا لم تكن له برامج شاملة لاترقيعية فقط للإصلاح.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق