السبت، 12 يناير 2013

مقدمة

مقدمة:


بإسمك اللهم :

كل ما في الكون : من الذرات والخلايا إلى الأفلاك والمجرات حتى العوالم التي لايعلمها إلا الله يسير وفق المنهاج الرباني دون خلل.. وكل العوالم ينظمها ويسيرها الله بعلمه وحكمته وقدرته بنظام دقيق يعني تعطيله فناء هاته العوالم كلها.. »ماترى في خلق الرحمان من تفاوت فارجع البصر هل ترى من فطور؟ » فالكل منظم والكل مهندس بدقة بالغة..والكل يسير وفق نظام رباني علمي يذهل كل الباحثين والمفكرين وكل ذي لب..وهذا نظام اقتضت مشيئة الله أن تسير به الأكوان جبرا..لكن اقتضت مشيئة الله أيضا أن يكون خضوع الناس فرادى وجماعات ومجتمعات وأمما لهذا النظام الرباني جبرا واختيارا في آن واحد ..فالإنسانية مجبرة أن تعيش الليل والنهار مثلا كما خلقهما الله دون تدخل منها.. والإنسانية مجبرة أن تعيش مثلا بالأجسام التي خلقها لها الله دون تدخلها ..لكن أقتضت سنة الله في خلقه أن يجعل للإنسان وظيفة التكليف ويترك له الإمتثال أو العصيان في أمور في استطاعة الإنسان الطاعة أو المعصية فيها : والإمتثال لله فيها يبرز كل معاني العبودية كما أن المعصية لها تبرز كل علامات الكفر والجحود : ومن بين هاته الأمور النظام الذي يعيش بع الفرد وتحيا به المجتمعات والمتمثل في كل نظمها الحياتية من التربية حتى الإقتصاد والملخص بالشريعة الإسلامية..والله في كل هذا لم يجزم بنصوص قطعية فقط بل ترك للإنسان جانب التطوير والإجتهاد فيها بالحفاظ فقط على ثوابتها....لكن يأبى الإنسان وحده إلا أن يقول لله « لا » بكل جحود ..وفي الوقت الذي ينادي فيه المولى جلت قدرته : »وأن هذه صراطي مستقيما فاتبعوه ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله » يأبى معظم الناس إلا طاعة المخلوق بدل الخالق..والإنصياغ الكامل للقوانين الوضعية على حساب الشرائع الإسلامية كلها لحد تعطيل الشريعة من طرف المسلمين وكفر المسلمين بالعديد من نصوص القرآن الكريم والسنة الشريفة كما قال الله على المنافقين : »يومنون ببعض الكتاب ويكفرون ببعض »..والأعجب أن معظم الدول الإسلامية اليوم تبادر بالخضوع طوعا لإجبارات الدول المهيمنة لحد تبني كفرها الدستوري بالله..ولحد تناقض الدساتير في بلداننا مع شريعتنا ..

ففي الوقت الذي تؤِكد العديد من البنود أن الدين الرسمي للدولة هو الإسلام نجد أن الدين الرسمي للدستور الذي يشمل هذا ليس هو الإسلام..فقدعطلت الشريعة رسميا لحد إلغاء تربية الدولة للمسلمين إسلاميا..فمن اليوم يربي شعوبنا الشاردة حكما وممارسة عن المنهاج القرآني برمته..؟؟؟. : الشريعة معطلة..المحارم منتهكة ..المعروف ينكر ..المنكر يتباهى به وهو معروف اليوم..والفساد عم بكل رزاياه..وأخلاق المسلم اليوم غير متميزة حتى على أخلاق البهائم بل الكفار أصبحت لهم أخلاق وقيم وكأنهم مسلمون، ومجتمعاتهم أكثر ملاءمة للإلتزام بالإسلام من مجتمعاتنا..وهناك العديد من هاته الظواهر التي لأمراضها كلها مسمى واحد هو : » كفرنا بحاكمية الله ».ودواؤها أيضا واحد هو العودة للحكم بما أنزل الله

الإشكالية بإيجاز


الإشكالية بإيجاز :؟

يتميز الحكم الإسلامي بالعديد من الخصائص نجملها في :

ـ استمداد رئاسة الدولة من سلطة الأمة عبر نظام الشورى

ـ حق الشعب في اختيار وعزل النواب

ـ النواب بدورهم يختارون الحاكم ويحاسبونه ومن حقهم عزله

ـ تتم البيعة عبر عقد وعهد بين الحاكم والشعب وخاصة بين أهل الحل والعقد كنواب للشعب والحاكم

ـ يتم اختيار أهل الحل والعقد من العلماء وحكام الأقاليم ورؤساء القبائل والمجموعات العلمية والمهنية ويتم اختيارهم من القاعدةا ومن الحاكم.

ـ لا يجوز في الشورى الإسلامية لأحد التشريع مع الله وإنما الإجتهاد إن لم توجد نصوص

ـ السلطة التشريعية غير مطلقة في الإسلام بل مقيدة بالشريعة الإسلامية

ـ لايجوز التشريع إلا من خلال القرآن والسنة

ـ النصيحة للحكام تشمل عامة المسلمين

ـ يجب على الشعب طاعة وولاء الحاكم ما لم يرتكب معصية

ــ الخليفة نائب على الأمة

ـ لأهل الحل والعقد اختيار الحاكم الذي لا يصير شرعيا إلا بموافقة الشعب

ـ بيعة الخليفة بيعة اختيار وانعقاد ولا تجوز بيعة الطاعة التامة والإنقياد إلا للرسول ص

ـ يعاقب الخليفة والحكام أمام القضاء كسائر المسلمين...

ـ ليس هناك تقديس لأي كان في الإسلام .

وهكذا نلمس مدى تميز الحكم بما أنزل على كل النظم الحاكمة رغم موافقتها في العديد من البنود

لكن إلغاء الشريعة وتحجير حق الله في التشريع من أكبر ذنوب العلمانية.. بل والتي تطمس كل حسناتها ..

فالحاكمية تعد من أهم خاصيات المذهبية الإسلامية ، وضياعها جعل العديد من الإسلاميين يحملون كل مسؤولية هذا التجاوز لأولي الأمر لحد تكفيرهم وإخراجهم من الملة ، والمطالبة بإلغاء بيعتهم التي من أهم واجباتها التزام الحاكم بالشريعة وشورى العلماء ، على أن هناك اختلاف بين الخروج على مثل هؤلاء الحكام وبين الصبرعلى طاغوتيتهم امتثالا لقوله صلى الله عليه وسلم : » أطيعوهم ما أقاموا الصلاة فيكم « وغيرها من الأحاديث المحرمة للخروج على أولي الأمر..

وهناك ثغرة كبيرة في الحقل الإسلامي بسبب عدم تفريق بعضنا بين العمل الجهادي ضد من اعتدى من الكفار وبين العمل الإصلاحي داخل مجتمعاتنا..التي تحتاج إلى إصلاحات تجديدية لا إلى حركات ثورية تعصف بالحابل والنابل فينا وتهدر دماء المسلمين بين بعضهم البعض بمواقف جامدة متصلبة على شعارات جوفاء تكشف الداء دون أدوية ..ودون وعي بهذا كان الوقوع في الفتنة الكبرى كما الجزائر وأفغانستان حيث تطاحن المسلمون بل والإسلاميون فيما بينهم لحد سحق مسلمي الشمال الأفغاني بمعية أمريكا لحركة طالبان الإسلامية..مما يوجب الحذر من درء الأزمة بفتنة أكبر خصوصا أن من أسس الإصلاح التناصح والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بكل حكمة واجتناب فتن الشرور والبواطل : »والفتنة أشد من القتل »

فباستطاعتنا تغيير المنكر بلا ضرر ولا ضرار إذا لم نتموقف بجمود ضد الآخر وكأنه كافر ونرفع ضده القرآن وكأنه ليس بمسلم.. فنحاول فهمه قبل مناداته بفهمنا..أما المواجهة المباشرة فلا يكون ضحيتها إلا شباب الحماس الإسلامي ..فالعنف في مواجهة العلمانية لن توذي إلا بنرجسية أكبر للعلمانيين وشخصانية أعلى : فتتشتت مجتمعاتنا بين مساند ومعارض للحكام..وذلك من أجمل أحلام الصهاينة والإمبرياليين ..لكن هذا لايعني السكوت عن الحق » فالساكت عن الحق شيطان أخرس » بل الإيمان يدعو للإصلاح جهد الإستطاعة ، والأساس دوما هو تأطير القاعدة لكن التغيير لن يكتمل إلا إذا شمل كل المستويات والواجهات وكان أفقيا وعموديا ومن فوق ومن تحت ومن الوسط..فعلينا بناء القاعدة كاهتمامنا بترميم القمة لاهدمها كما يدعو لذلك القاعديون من الإشتراكيين وبعض ثوريي الإسلاميين..لكن مع التركيز على بناء المسلم الحق الذي لا تشوبه عقد نفسية أو فكرية يكون الفلاح في الإصلاح :فبصلاح الفرد يصلح المجتمع وبصلاح الشعب يتأقلم الحكام على الإصلاح..

لكن الخطورة هنا في أن العلمانية ليست كلها منافية للدين ..بل هناك من مبادئها الديمقراطية ما يعد من جواهر الإسلام ..وهناك بصمة كبيرة للإسلام في ديمقراطية القرن : فنحن متفقون على معارضة من يلغي الحكم بما أنزل الله كإسلاميين ، ونعد هذا سبب كل فسادنا وعلى كل الواجهات..لكن هذا لا يعمينا على الدراسة الحضارية لواقعنا لتقديم البديل الإسلامي بكل حضارة : مما يعني العمل أولا على دراسة الواقع وكيفية تطبيبه بشريعتنا الغراء بكل علمية : فتغيير الدساتير والحكام غير كاف إذا لم نخلق الشعب ونأسلم ظروف الحياة الإجتماعية ،وإلا فماذا يفيد الحكم بما أنزل الله على مجتمع منافق فاسد؟

العلمانوية كنقيض للحاكمية


العلمانوية كنقيض للحاكمية :

سنعود في جزء آخر من هذا البحث لإشكالية العلمانية كاملة، لكن ما يهم في هذا المقطع هو تناقض مبدأ العلمانية ومبدأ الحكم بما أنزل الله : والحيلة الكبرى في هاته الكلمة هو التمازج المحتمل بينها وبين العلمانية والعلمية :بمعنى أن الحكم بالعلمانية حكم بالعلوم وحكم مستبصر : بينما هناك فرق كبير فالعلمانية إيديولوجية مدهبية بينما العلمية حقيقة طبيعية لا يمكن ان تتصادم خيريتها وأحقيتها وتتناقض كما العلمانية : فعلمن النظام أي حاول أن يجعله علميا : لكن في هاته المحاولة تدخل الفلسفات المغلوطة لتقضي تماما على علمية العلمانية ولا تبقي سوى على علمويتها : لحد التناقض الكبير اليوم بين العديد من الأنظمة العلمانية والعديد من العلوم : بل ولحد الجزم بأن العلمانوية القائمة اليوم ماهي إلا علموية أو لنقل علمانية بمرجعية صهيونية تلمودية بحتة : كانت سببا رئيسا في عولمة حتى الأخلاق الصهيونية البهيمية على كل الناس والعالم..فالعلمانية ليست هي العلمية وإذا قلنا بعكس هذا فإن الحكم بالإسلام سيعني حكما يناقض المنطق العلمي وهاته وشاية كبيرة :

والقوانين العلمانية قوانين تلغي الدين من دولة القانون لعولمة القانون الغربي على كل الأرض : غذن تلغي العديد من العلوم فلم تبقى سوى إيديولوجية، وهاته العلمانية »والإمبريالية الجديدة » ـ بما تحمل من استغلالات ـ لضمن مطامع الصهاينة ما هي إلا تحكيم قوانين ذات نسبية ضئيلة في » العدالة والخيرية والمصلحة والمنفعة » بالمقارنة مع الحاكمية،وذلك بدعوى الخرافة المسيحية : »ما لقيصر لقيصر وما لله لله »

والغريب أن معظم الغربيين اليوم يومنون بعلمية العلمانية على نقيض ظلامية الحكم الكنسي الإستبدادي في أوربا..وبذلك فإن الثوار على الخرافات الكنسية ..لا يفرقون بين الدين الحق والديانات الباطلة ..ويضعون الديانات كلها في خندق واحد، ولذلك يحاربون الإسلام شريعة وحكما بل وحتى عقيدة لأن عقيدة التوحيد : »لا إله إلا الله « ترمز كل معانيها إلى حاكمية الله لكل الكون الأمر الذي يأباه الغرب المتجبر والهادف إلى استعمار كل الكون وتعميم منهاجه لضمان تفوقه واستغلاله..أو المسيحية واليهودية اللذان لايعترفان لللألوهية إلا بالسماء بينما جاء بالقرآن الكريم : » وهو الذي في السماء إله وفي الأرض إله »

فالعلمانية كابنة بارة لليهودية إذن تخدم بطلاقة سيادة الغرب بكل مناهجه وسياساته الإستكبارية لحد عولمة العالم بمنهاجه الذي لا يعني إلا تكريس تغريب العالم، والعالم الإسلامي خصوصا.. ،لأنه هو العالم الوحيد الذي يملك هوية حضارية يمكن أن تكون بديلا لكل التخطيطات الغربية..وعولمة الغرب تتصادم العديد من سياساتها مع عالمية الإسلام ..وبذلك كان الغرب ذكيا في محاربة هاته الحاكمية من زمان لحد استعماره للعالم الإسلامي المباشر ثم تكريس هذا الإستعمار لامباشرة عبر تحكمه عن بعد في كل دقائق المجتمعات الإسلامية

فالعلمانية إلغاء لحق الله في الحكم، والعولمة إلغاء لعالمية الإسلام :وكلاهما يطمسان كل آمال المسلمين في حاكمية الله إجتماعيا ثم عالميا الأمر الذي يلزمه القرآن كسنة كونية كما بقوله تعالى : »وجعل كلمة الذين كفروا السفلى وكلمة الله هي العليا »..في حين نرى العلمانية اليوم تحارب علو كلام الله على كلمات الكفار بكل إيمان حتى من حكوماتنا التي أ صبحت رؤوس وزرائها مزرعة إن لم نقل مزبلة لكل النظريات الكافرة بحاكمية الله في الفرد والمجتمع والعالم والكون ثم ما لا يعلمه إلا الله......

من ظلم العلمانية


من ظلم العلمانية :

والعلمانية ـ بحسناتها وسيئاتها ـ ظلم للشعوب المسلمة بالعديد من الحجج وبكل منطق :

1 : الحجج القرآنية : يصنف الله كل من لا يحكم بشريعته من فئة الظالمين مرة : »ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الظالمون » مما يعني أن القوانين الوضعية إذا ما تكهنت للمقدس فهي لا تستبد بحق الله في التشريع فقط بل وتستبد بالحقوق المشروعة للعباد أيضا، فالنظام في الإسلام ليس نظاما يسعى للتسيير الدنيوي فحسب بل من واجبات الحكومة الإسلامية تعبيد المجتمع لله عبر الحرص على ظروف الشريعة : والحكم بغير ما انزل الله يعد تنصلا للحكومات من أقدس وظائفها..ولهذا يفسق الله العلمانيين بقوله : »ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الفاسقون » والفاسق هو المصر على المعصية كما كل من يفضل القانون الوضعي على الشريعة إدعاء لاجتهادات زائفة نصلت دساتيرنا من روح الإسلام..وذلك لأن الإيمان بحكم الله منفي..فلو كان هناك إيمان حقيقي بالله لكان هناك إيمان بشريعته » فهو الحكم العدل » فكيف لا نحكمه وهو العدل داته وليس العادل فقط؟ ولا يختلف فقيهان في أن الكافر بالشريعة كافر بالله كما بقوله تعالى : » ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون »..ومجتمع تسوده فئة كافرة بروح شريعته وفاسقة ومفسقة له وظالمة له مصنفة ومجتمعها في الجاهلية الجهلاء كما يملي تساؤله تعالى : »أفحكم الجاهلية يبغون؟ومن أحسن من الله حكما لقوم يوقنون؟ »..لكن دون أن ننسى بعض الإكراهات التي جعلت العديد من حكامنا برغم إيمانهم بالحاكمية غير ممارسين لها : فهم إذن مسلمين عصاة : لا يمكن لنا تعمميم الفسق والكفر عليهم وإن كنا جازمين على تعميم ظلمهم .

2المنطق الإسلامي :كما سلف فإن من وظيفة الدولة المسلمة تعبيد المجتمع لله ، وإلغاء هاته المهمة ابتدأ بتعطيل مهمة الحدود الإسلامية فالشريعة برمتها فعدم مسؤولية الحاكم على الفساد الأخلاقي والإجتماعي لحد تنصله من مهمة التربية الإسلامية التي يجب أن تلزم بها الشعوب ..وهكذا كانت النتيجة المباشرة لتعطيل الحكم بما أنزل الله فساد على كل الواجهات : من الفساد التربوي حتى الفساد الإقتصادي..حتى أصبحت مجتمعاتنا أحط من المجتمعات الغربية حتى بالمعنى الإسلامي..وفي الوقت الذي وصلت علمية الغرب لحد تبنيه للعديد من التقنيات الإسلامية كالتكافل الإجتماعي وكل الحقوق اللازمة..نرى حكوماتنا المتمسلمة تأبى إلا التنصل من كل الشريعة لحد الحملة الحالية لإلغاء مدونات الأحوال الشخصية في العديد من الدول الإسلامية لإنها الوحيدة التي لاتزال تحمل بين طياتها نصوص إسلامية ستحافظ عليها الأسر المسلمة بمدونة أو غير مدونة ..بينما الشطر الأكبر من الشريعة معطل بتخطيط محكم على إلغائه للأبد...بل والأمر أن النتيجة هي المحاربة المعلنة من العديد من حكامنا للتدين في كل أشكاله ..

3الجانب الحقوقي :فالمسلم حينما يؤمن بألوهية الله فإنه يومن بهاته الألوهية كاملة وبالتالي بكل أسمائه الحسنى، ومن حق هذا المسلم أن يعبد الله بكل هاته الأسماء لكن تعطيل الحكم بما أنزل الله قلص عبودية المسلمين لله لحد إلغائهم العملي للعديد من هاته الأسماء كـ :

ـ العدل : فهذا إسم من أسماء الله يجعل العدل الذي نمارسه كمسلمين هم الإله الذي نعبده،فهل هذا صحيح في حياتنا؟

ـ الحق : فالحق في عقيدة المسلم إله يعبد.. فكيف نثق بهذ ا وقد ألغينا حتى حق الحق كإله في التشريع لتشرع لنا البواطل؟

ـ الملك : ومن حق الملك أن يحكم كل حركات وسكنات مجتمعه؟؟؟؟؟

ـ الحكم : فهل نحتكم له أم أننا شاكون في حكمه؟

ـ الولي : وللولي رجوع الولايا في كل القضايا فهل نعود لولايته؟ بل وهل نفهمها؟

ـ الصمد : وهو السيد الذي لايرجى غيره فهل نومن بسيادته قانونيا؟

وبتعطيل هاته الأسماء نكون حقا قد عطلنا معانيها، فتقلص كل إيماننا الجماعي لحد تاثيره علينا كأفراد : بل ولحد كلامنا على مسلمين ليسوا بمومنين » قال الأعراب آمنا قل لم تومنوا ولكن قولوا أسلمنا »وبدون حاكمية الله فينا فلا تجلي للعدل ولا للحق ولا سيادة ولا ولاء ولا ملك إلا للبواطل.

كيف نعود للشريعة؟



كيف نعود للشريعة؟
هناك العديد من المسلمين من يظن بأن العودة إلى تطبيق الشريعة تعني العدول على دساتير الحكم إلى دساتير إسلامية جملة وتفصيلا فقط..في حين أن الإصلاح الذي أحذثه الإسلام في الجاهلية الأولى ثم الإصلاح الذي ينادي به القرآن الحكيم وكل العلماء المتنورين من الأمة إصلاح شامل ويجمع بين كل المقومات : من بناء الإنسان المسلم فكرا وروحا وتقويته جسدا حتى بناء المجتمعات في كل المجالات حتى بناء الأمة بل وحتى الرجوع بالأمة إلى عصرها الزاهر..وهذا كله يبقى حلما طوباويا بالنظر إلى واقعنا الآني المرير : فالفساد ساري على كل الواجهات وفي كل المجالات..مما يعني العودة إلى روح الشريعة أولا قبل التدرج في العودة إلى أشكالها..وقبل أن نفكر في الحدود يجب التفكير في التربية وقبل التقيد بالحقوق يجب مراجعة الواجبات..وبإيجاز يجب أولا خلق ظروف تطبيق الشريعة قبل المناداة بحدودها..

وذلك لن يتأتى إلا إذا عاد حكامنا إلى ممارسة مهمة : »إمارة المومنين » التي من واجباتها الأولى تعبيد المجتمع لله بإصلاحه وتقويمه باستمرار باليد والتربية والتعليم،وإيجاد كل الظروف الواجبة لتعاليم الإسلام لمحاربة كل أنواع الفساد، وصدق من قال : »يزع الله بالسلطان ما لا يزع بالقرآن »

ولهذا فإن العودة إلى الشورى الإسلامية لاتعني العودة الجافة إلى الحدود فقط بل تعد نهضة كاملة لكل المقومات المدنية والسياسية لتلعب دورها كاملا في ترسيخ مبادئ الشريعة والشورى بكل تدرج في العودة لها..مما يعني بناء ثقافة جديدة لا هي بالرجعية الظلامية ولا هي بالتقدمية المتنكرة بل ثقافة حضارية إسلامية بمعنى الكلمة تحاول أن تنطلق من القرآن الكريم والسنة الشريفة وكل اجتهادات المسلمين الصائبة إلى تقديم الإسلام كبديل حضاري شامل..

فالسعي إلى خلق ظروف تطبيق الشريعة في مجتمعاتنا هي البداية التي يجب أن نتسلح لها إنطلاقا من كل مشاكلنا الواقعية..أما تسلق حزب معين ما لفرض الشريعة فيبقى تنطعا انتحاريا إذا لم تكن له برامج شاملة لاترقيعية فقط للإصلاح.

زبدة القول


زبدة القول :
« خلق ظروف تطبيق الشريعة » شعار كافي لوحده لنهضة شاملة للأمة كلها..والبداية يجب ان تكون تربوية قبل أن تكون جزرية وتعطي الحقوق قبل المطالبة بالواجبات..ومن الواجب علمنة منطق الشريعة للدعوة لها عالميا بمعنى أن نقنع الآخر بأن الشريعة أحسن بديل بدلائل علمية وحجج ملموسة لاأن نبقى ننادي بها كشعارات جوفاء ضد العلمانية جملة وتفصيلا ..فرغم العديد من سلبياتها فكل إيجابياتها لاتتناقض حتى مع الشريعة بل ومع الإسلام كله..ولهذا فالحاكمية لن تقتل العلمانية بقدر ما ستقلم كل مفاسدها لأسلمتها كما يملي قوله تعالى : »إن الحكم إلا لله ».