الإشكالية بإيجاز :؟
يتميز الحكم الإسلامي بالعديد من الخصائص نجملها في :
ـ استمداد رئاسة الدولة من سلطة الأمة عبر نظام الشورى
ـ حق الشعب في اختيار وعزل النواب
ـ النواب بدورهم يختارون الحاكم ويحاسبونه ومن حقهم عزله
ـ تتم البيعة عبر عقد وعهد بين الحاكم والشعب وخاصة بين أهل الحل والعقد كنواب للشعب والحاكم
ـ يتم اختيار أهل الحل والعقد من العلماء وحكام الأقاليم ورؤساء القبائل والمجموعات العلمية والمهنية ويتم اختيارهم من القاعدةا ومن الحاكم.
ـ لا يجوز في الشورى الإسلامية لأحد التشريع مع الله وإنما الإجتهاد إن لم توجد نصوص
ـ السلطة التشريعية غير مطلقة في الإسلام بل مقيدة بالشريعة الإسلامية
ـ لايجوز التشريع إلا من خلال القرآن والسنة
ـ النصيحة للحكام تشمل عامة المسلمين
ـ يجب على الشعب طاعة وولاء الحاكم ما لم يرتكب معصية
ــ الخليفة نائب على الأمة
ـ لأهل الحل والعقد اختيار الحاكم الذي لا يصير شرعيا إلا بموافقة الشعب
ـ بيعة الخليفة بيعة اختيار وانعقاد ولا تجوز بيعة الطاعة التامة والإنقياد إلا للرسول ص
ـ يعاقب الخليفة والحكام أمام القضاء كسائر المسلمين...
ـ ليس هناك تقديس لأي كان في الإسلام .
وهكذا نلمس مدى تميز الحكم بما أنزل على كل النظم الحاكمة رغم موافقتها في العديد من البنود
لكن إلغاء الشريعة وتحجير حق الله في التشريع من أكبر ذنوب العلمانية.. بل والتي تطمس كل حسناتها ..
فالحاكمية تعد من أهم خاصيات المذهبية الإسلامية ، وضياعها جعل العديد من الإسلاميين يحملون كل مسؤولية هذا التجاوز لأولي الأمر لحد تكفيرهم وإخراجهم من الملة ، والمطالبة بإلغاء بيعتهم التي من أهم واجباتها التزام الحاكم بالشريعة وشورى العلماء ، على أن هناك اختلاف بين الخروج على مثل هؤلاء الحكام وبين الصبرعلى طاغوتيتهم امتثالا لقوله صلى الله عليه وسلم : » أطيعوهم ما أقاموا الصلاة فيكم « وغيرها من الأحاديث المحرمة للخروج على أولي الأمر..
وهناك ثغرة كبيرة في الحقل الإسلامي بسبب عدم تفريق بعضنا بين العمل الجهادي ضد من اعتدى من الكفار وبين العمل الإصلاحي داخل مجتمعاتنا..التي تحتاج إلى إصلاحات تجديدية لا إلى حركات ثورية تعصف بالحابل والنابل فينا وتهدر دماء المسلمين بين بعضهم البعض بمواقف جامدة متصلبة على شعارات جوفاء تكشف الداء دون أدوية ..ودون وعي بهذا كان الوقوع في الفتنة الكبرى كما الجزائر وأفغانستان حيث تطاحن المسلمون بل والإسلاميون فيما بينهم لحد سحق مسلمي الشمال الأفغاني بمعية أمريكا لحركة طالبان الإسلامية..مما يوجب الحذر من درء الأزمة بفتنة أكبر خصوصا أن من أسس الإصلاح التناصح والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بكل حكمة واجتناب فتن الشرور والبواطل : »والفتنة أشد من القتل »
فباستطاعتنا تغيير المنكر بلا ضرر ولا ضرار إذا لم نتموقف بجمود ضد الآخر وكأنه كافر ونرفع ضده القرآن وكأنه ليس بمسلم.. فنحاول فهمه قبل مناداته بفهمنا..أما المواجهة المباشرة فلا يكون ضحيتها إلا شباب الحماس الإسلامي ..فالعنف في مواجهة العلمانية لن توذي إلا بنرجسية أكبر للعلمانيين وشخصانية أعلى : فتتشتت مجتمعاتنا بين مساند ومعارض للحكام..وذلك من أجمل أحلام الصهاينة والإمبرياليين ..لكن هذا لايعني السكوت عن الحق » فالساكت عن الحق شيطان أخرس » بل الإيمان يدعو للإصلاح جهد الإستطاعة ، والأساس دوما هو تأطير القاعدة لكن التغيير لن يكتمل إلا إذا شمل كل المستويات والواجهات وكان أفقيا وعموديا ومن فوق ومن تحت ومن الوسط..فعلينا بناء القاعدة كاهتمامنا بترميم القمة لاهدمها كما يدعو لذلك القاعديون من الإشتراكيين وبعض ثوريي الإسلاميين..لكن مع التركيز على بناء المسلم الحق الذي لا تشوبه عقد نفسية أو فكرية يكون الفلاح في الإصلاح :فبصلاح الفرد يصلح المجتمع وبصلاح الشعب يتأقلم الحكام على الإصلاح..
لكن الخطورة هنا في أن العلمانية ليست كلها منافية للدين ..بل هناك من مبادئها الديمقراطية ما يعد من جواهر الإسلام ..وهناك بصمة كبيرة للإسلام في ديمقراطية القرن : فنحن متفقون على معارضة من يلغي الحكم بما أنزل الله كإسلاميين ، ونعد هذا سبب كل فسادنا وعلى كل الواجهات..لكن هذا لا يعمينا على الدراسة الحضارية لواقعنا لتقديم البديل الإسلامي بكل حضارة : مما يعني العمل أولا على دراسة الواقع وكيفية تطبيبه بشريعتنا الغراء بكل علمية : فتغيير الدساتير والحكام غير كاف إذا لم نخلق الشعب ونأسلم ظروف الحياة الإجتماعية ،وإلا فماذا يفيد الحكم بما أنزل الله على مجتمع منافق فاسد؟